أهلا بك في مركز التحرير للدراسات والبحوث

الشراكة الاستراتيجية بين دول مجلس التعاون الخليجي والصـين

د كريم العمدة *

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي المركز

     تعتبر كلا من الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، المملكة العربية السعودية، سلطنة عمان، دولة قطر، دولة الكويت، الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

  تلعب دول مجلس التعاون دورا متناميا في المنطقة، وتكتسب أهمية متزايدة يوما بعد يوم، خصوصا في ظل الأدوار الكبيرة والمهمة التي تلعبها على الساحتين الإقليمية والدولية، والعمل سويا للتغلب على كل الصعوبات التي تواجهم من أجل تطوير علاقتهم الثنائية في مختلف المجالات، وخصوصا السياسية والاقتصادية، وبعد الانتهاء من الاتفاقيات التي أبرمت في إطار الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين واستمرار المباحثات حول اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، وتتطلع الصين لإبرام الاتفاقية التى بدات مفاوضتها عام 2014م والتي من شأنها أن تساهم في تعزيز العلاقات الصينية – الخليجية، وقد أعلنت الصين ومجلس التعاون الخليجي (GCC) في يوليو عام 2004 إطلاق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة بينهم وقد عقد الطرفان خمس جولات من المفاوضات وتوصلا الى اتفاق حول معظم القضايا المتعلقة بالتجارة في السلع، وأطلقت أيضا المفاوضات بشأن التجارة في الخدمات.

 وعقدت أول جولة من المفاوضات اتفاقية التجارة الحرة في الرياض 2004، ووقع الطرفان اتفاق إطاري حول الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتعاون التكنولوجي في يوليو عام 2004 ببكين، ثم عقدت جولة المفاوضات الثانية من اتفاقية التجارة الحرة خلال الفترة 20-21 يونيو 2005، في بكين ايضا، أما الجولة الثالثة والرابعة عقدت خلال عام 2006، بمنطقة جياشينغ في مقاطعة تشجيانغ.

   أن إقامة منطقة التجارة الحرة بين دول مجلس التعاون والصين أمر يتفق مع المصالح المشتركة، لما لديهما من مقومات التكامل الاقتصادي القوية، ويؤكدان على تطلعهما إلى الإسراع في إجراء المفاوضات لإقامة منطقة تجارة حرة بين الجانبين، وكانت الحاجة الملحة للتعاون التجارى والاقتصادي الموسع بينهما وذلك لسببين أولهما : تباطؤ انتعاش الاقتصاد الأوروبي والأمريكي ، لذلك تسعى الصين إلى توسيع مجال تجارتها الخارجية إلى الأسواق الناشئة لتعويض الفجوات الموجودة لديها في الأسواق التقليدية، بما في ذلك دول الخليج العربية التي أصبحت محرك نمو جديد للتجارة الخارجية الصينية.

 وثانيهما : رغبة دول الخليج العربي في تنوع نشاطها التجاري في مجال القطاعات غير النفطية من خلال التبادلات التجارية البينية وتنوع مصادر واردتها والاستفادة من الطفرة التكنولوجية التي حدثت في شرق أسيا. 

   وفقاً لبيانات صادرة مؤتمر الامم المتحدة للتجارة والتنمية “الانكتاد”، ارتفع حجم التجارة الثنائية بين الصين ودول مجلس التعاون من 68 مليار دولار أمريكي عام 2009 إلى 190 مليار دولار أمريكي في عام 2019 أي بمعدل نمو يصل الى180 %، وتصدر دول مجلس التعاون الخليجى سلع    بــ 111 مليار دولار 80% منهم نفط ووقود و20% سلع بتروكيميائية ومواد كيميائية فى حين تستورد بــــ 79 مليار دولار سلع صناعية واجهزة الكترونية والالات ومعدات وسيارات وقطع غيار بالاضافة الى 10 مليار دولار ملابس ومنسوجات واقمشة بحيث أصبحت دول مجلس التعاون الخليجى تستحوذ على 66% من حجم التجارة العربية مع الصين وايضا سابع أكبر شريك تجاري للصين.

وأظهرت البيانات ايضا أنه في عام 2019 استوردت الصين 13% من احتياجتها النفطية من السعودة فقط بالاضافة الى باقى دول الخليج وبصفة عامة شعرت البلدان المصدرة للنفط بقلق كبير في ظل ثورة الغاز الصخري في الولايات المتحدة وتنوع الواردات الصينية من الطاقة. وتعتبر الصين أكبر بلد مستورد للنفط السعودي.

  وفقا لبيانات صادرة عن وزارة التجارة الصينية أن منطقة دول الخليج هي أيضا سوق مقاولات لمشاريع البناء الصينية، حيث شكلت العقود الجديدة في دول الخليج 6% من إجمالي العقود للشركات الصينية في عام 2013، والتي تشمل مشاريع بناء خطوط السكك الحديدية والموانئ ومحطات توليد الكهرباء والطرق والجسور والاتصالات وغيرها، كما فى عام 2019 وقعت الصين مع المملكة العربية السعودية 12 اتفاقية تجارة مشتركة بقيمة 28 مليار دولار بحضور ولي العهد محمد بن سلمان والرئيس الصيني شي جين، وايضا وقعت الإمارات المتحدة 16 اتفاقية مع الصين في مجالات الاقتصاد والنفط والبيئة وشملت إسناد تطوير منطقة سكنية وترفيهية في محيط مطار داكسينغ الدولي في بكين لشركة إعمار الإماراتية، وهو استثمار قيمته 11 مليار دولار ، ومع تزايد التبادلات الوثيقة بين الصين ودول الخليج، شهد التعاون الثنائي تطورا سريعا في صناعة الخدمات، وخاصة الخدمات المالية والطيران والسياحة وغيرها .

من جهة أخرى، ترتفع الاستثمارات الصينة من شركات النفط الكبرى العاملة في مشاريع التنقيب وإنتاج النفط والغاز الطبيعي، وكذلك الآلاف من الشركات الصغيرة التي تعمل في دول الخليج.

وقد أسست البنوك الصينية ثمانية فروع في دول الخليج، في حين فتحت أربعة بنوك من دول الخليج مكاتب تمثيلية في الصين، كما وقعت الصين اتفاقيات في مجال النقل الجوي المدني مع دول الخليج الست، كما فتح الطريق أمام أكثر من 90 رحلة جوية مباشرة بين الجانبين كل أسبوع.

كما أن شركة طيران الإمارات كثفت من الرحلات الجوية لنقل البضائع بين دبي وجووانزوا، حتى يتم تسهيل عمليات نقل البضائع من الملابس والمنسوجات والمعدات الإلكترونية وغيرها من السلع التي صنعت في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ الصينية إلى منطقة الخليج.

وذلك في ظل ارتفاع الطلب على الأزياء والمنسوجات والإلكترونيات ومنتجات الاتصالات الصينية في السوق الخليجية، كما زاد الطلب على النفط والغاز والمنتجات الكيماوية في السوق الصينية، وإلى جانب ذلك، تتطلع الصين للمشاركة في فرص الاستثمار الواسعة التي توفرها خطط التنمية في دول مجلس التعاون سواء في مجالات البنية التحتية أو تطوير القطاعات الاقتصادية والتنموية الأخرى. إن الدول الأعضاء لمجلس التعاون الخليجي أصبحت شريك تعاون تجارياً هاماً للصين، حيث أقامت أكثر من 4000 شركة صينية فروع لها في إمارة دبي حالياً، بينما وصل حجم اتفاقيات مشروعات المقاولات للشركات الصينية في دول الخليج إلى 80 مليار دولار ، تتوزع على قطاعات التعمير وبناء الطرق والجسور والموانئ ومحطات توليد الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية وغيرها .

وقد أقترح بعض المسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي أثناء المفاوضات إمكانية أن تقدم الصين الخبرة الإدارية والاقتصادية في تحقيق التنمية والتقليل من البطالة وإدارة الاستثمارات وجذبها، وتطوير النظام التعليمي العالي والأنظمة الصحية والثقافية والاجتماعية .

د. كريم العمدة دكتوراة في الاقتصاد الدولي

تواصل معنا

العنوان

164 ميدان التحرير شارع التحرير باب اللوق الدور السابع

رقم الهاتف

0223934250-01032678345

tahrer.tcsr@gmail.com

مواقع التواصل

شركاء النجاح